حوار مع رئيس حركة مجتمع السلم الشيخ ابو جرة سلطاني

الصحراء الحرة تنفرد بحوار رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية
موقف حركة حمس من القضية الصحراوية مطابق للموقف الرسمي للدولة الجزائرية
لا أحد ينوب عن الصحراويين للتعريف بقضيتهم


لم يكن من اليسير علينا اقتناص فرصة الزيارة التي قادت رئيس وفد حركة مجتمع السلم الجزائرية لمخيمات اللاجئين الصحراوين لتسجيل هذا الحوار معه، نظرا لضيق الوقت وكثافة البرنامج المعد للزيارة، إلا أن ضيفنا لهذا الأسبوع الشيخ أبو جرة سلطاني، أبى مشكورا إلا أن يخصص لنا حيزا من وقته رغم انشغالاته المتعددة، لنخوض وإياه في هذا الحوار الذي يتحدث من خلاله عن الدوافع الكامنة وراء هذه الزيارة، وحقيقة الشائعات المغرضة للدعاية المغربية، التي نفاها بشكل تام وكلي، كما تحدث عن الموقف الرسمي للحركة وللدولة الجزائرية من القضية الصحراوية و عن وجه المقاربة بين القضيتين الصحراوية و الفلسطينية و قضايا أخرى ندعوكم لمطالعتها .

حاوره : ميشان إبراهيم أعلاتي .

أسئلة عامة :
ـ الصحراء الحرة : بداية مرحبا بكم، تعد هذه الزيارة الثانية لكم بعد زيارتكم سنة 2004 لمخيمات اللاجئين الصحراويين، كيف وجدتم المخيمات و الدولة الصحراوية بمؤسساتها و إطاراتها بصفة عامة ؟
ـ الشيخ أبو جرة : لما زرت المخيمات سنة 2004، كانت الظروف الإقليمية والدولية تعيش تحت صدمة أحداث 11 سبتمبر 2001، وتداعياتها على المنطقة العربية و الإسلامية، وما تبع ذلك من دعوات إلى دمقرطة السياسات للتضييق على الإرهابيين، لكن بعد الذي حدث في العراق، وفلسطين، وافغانستان و السودان و اليمن و باكستان .. الخ، تغيرت الأوضاع وصارت الدعوات إلى ضرورة المحافظة على حقوق الإنسان وكرامته مسألة حيوية تنادي بها كل المنظمات والهيئات وفعاليات المجتمع المدني .
في هذا السياق تندرج زيارة وفد حركة مجتمع السلم الجزائرية إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في مخيمات العزة و الكرامة كجزء من نضالنا ضد كل أشكال التمييز و التهميش و الإعتقال و السجن و الإبعاد، لا سيما أن الجزائر قد احتضنت الإحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين (50) لصدور اللائحة الأممية 1415 الداعية إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها و استكمال تحرير المناطق التي ما تزال تعيش تحت الإحتلال كنوع من أنواع تصفية الإستعمار .
وقد وجدنا أشقاءنا الصحراويين في المخيمات يتطلعون إلى اليوم الذي تتجسد فيه أشواقهم وتتحقق مطالبهم عبر الإستفتاء الحر الذي يتقرر به مصيرهم بعيدا عن كل ضغط أو إكراه مادي أو معنوي وفقا للشرعية الدولية برعاية الأمم المتحدة منذ مخطط جيمس بيكر وما تلاه من مفاوضات و جولات حوار .

ـ الصحراء الحرة : ما الجديد في هذه الزيارة ؟ ولماذا تم إختيار هذا التوقيت بالذات ؟
ـ الشيخ أبو جرة : للأسف الشديد خلال زيارة مغاربية قادتنا إلى جميع أقطار المغرب العربي تم استغلال هذه الزيارة من بعض الأطراف التي شككت في مواقفنا الثابة من القضايا التحررية ومن حق الشعوب في تقرير مصيرها، فكان من أهداف هذه الزيارة ثلاثة أمور جوهرية :
ـ أولها تأكيد موقف الجزائر الثابت من قضية الصحراء الغربية.
ـ وثانيها تأكيد تطابق موقف الحركة مع الموقف الرسمي للدولة الجزائرية.
ـ وثالثها تكذيب ما أشيع عن الحركة بالتواصل الميداني مع أشقائنا الصحراويين.
وقد تحققت كل هذه الأهداف، وقطعت جهيرة قول كل خطيب.

ـ الصحراء الحرة : ما مدى حضور القضية الصحراوية ضمن أجندة عملكم سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي ؟
ـ الشيخ أبو جرة : حركة مجتمع السلم جزء من الدولة الجزائرية، وحضور القضايا العادلة في العالم يتطابق مع حضورها في المحافل الرسمية للدبلوماسية الجزائرية، وليس لنا ما نضيفه أو نزايد به، ونحن ـ في حركة مجتمع السلم ـ نرفض المتاجرة بقضايا الشعوب وقد أحسسنا أن هناك من يريد أن يستغل تواصلنا معه ليحول قضايانا الإستراتيجية إلى تكتيك يخدم به أجندات داخلية فانتفضنا ضد هذه الممارسات وجددنا التذكير بالثوابت و بالقناعات الراسخة في مثل هذه القضايا التي لا تقبل التلاعب، خاصة إذا مست حقوق الإنسان.

ـ الصحراء الحرة : ما قراءتكم الشخصية لهذا الحراك النضالي بالمناطق المحتلة ؟ وما موقفكم من أحدث إكديم إزيك؟
ـ الشيخ أبو جرة : الله تبارك وتعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرما، وكرم بني آدم وأمرنا أن نعدل، ولا يدفعنا الخلاف و الخصام إلى الجور و الظلم (( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ..))، وما حدث في مخيم إكديم إزيك هو تجاوز في حق الإنسان لا نقبله بأي حال من الأحوال، وقد عبرنا عن موقنا في حينه من خلال إدانتنا له كفعل مخالف لمعتقداتنا وتوجهاتنا وقناعاتنا، ونأمل ألا يتكرر لأنه يدفع باتجاه المزيد من التوتر و الإحتقان بين الأشقاء و الجيران، والعالم اليوم لا يقبل مثل هذه الممارسات ويدينها بقوة من موقع التعاطف الإنساني.

ـ الصحراء الحرة : بنظركم ما هي الآليات العملية للتعريف بالقضية الصحراوية خاصة على المستويين العربي و الإسلامي ؟
ـ الشيخ أبو جرة : العالم اليوم صار قرية من زجاج، وبعد تسريبات ويكيليكس تحول إلى شاشة بلا أقفال و انكشفت أسرار العالم، لذلك نؤكد اليوم على أمرين :
ـ الأمر الأول أن لا أحد ينوب عن الصحراويين للتعريف بقضيتهم .
ـ و الأمر الثاني أن حقوق الإنسان خط أحمر، ولا شيء صار سريا.
لذلك ندعو إلى إحترام حقوق الإنسان و الامتثال للشرعية الدولية التي سوف تفرض أجندتها عاجلا أم آجلا، ولا داعي لتغطية الشمس بالغربال .

أسئلة ساخنة :
ـ الصحراء الحرة : بصراحة، هل تتعاطون مع القضية الصحراوية بنفس الكيفية و الإهتمام الذي تولونه للقضية الفلسطينية ؟
ـ الشيخ أبو جرة : الوضع مختلف، فالأمر بالنسبة لفلسطين متعلق بكيان هوعدو للأمة العربية قاطبة و الأمة الإسلامية جمعاء، وقتاله واجب شرعي بالكتاب و السنة وإجماع الأمة، و الأنظمة العربية و الإسلامية مقصرة تجاه هذا الواجب الإسلامي العالمي.
أما النزاع في موضوع الصحراء الغربية فمتعلق بمسألة الإستفتاء، وأنا شخصيا لا أفهم سر تخوف المملكة المغربية من الإحتكام إلى هذه الآلية الديمقراطية طالما تعتقد أن التصويت هو حق دستوري و آلية لفض النزاعات؟
إذا الوضعان مختلفان مع اشتراكهما في مبدا حق الشعوب في تقرير مصيرها، وواجب الأسرة الدولية في التعاون على تصفية آخر ما تبقى من إستعمار في العالم كله من فلسطين إلى الصحراء الغربية، ومن كشمير إلى سنجق، وبعد الإستفتاء المرتقب في السودان يوم 09/01/2011 سوف تتغير كثير من الموازين في عالمنا العربي و الإسلامي.

ـ الصحراء الحرة : تحدثت بعض ابواق الدعاية المغربية عن إقتراحكم حل القضية الصحراوية وفق منظور إسلامي، هل هذا صحيح ؟ و إن كان كذلك فكيف ؟ و لماذا ؟
الشيخ أبو جرة : لم يصدر عني شيء من هذا القبيل، وكل ما قلته وأردده اليوم هو أن حلم الوحدة المغاربية أو الإتحاد المغربي لن يتم إلا بعد إستكمال شروط سيادة كل شعب على قطره، وما حدث للوحدة الألمانية والإتحاد الأوروبي نموذج عملي واضح .

ـ الصحراء الحرة : ما هي حدود علاقتكم بعبدالله بن كيران رئيس حزب العدالة و التنمية المغربي، وهل ناقشتم معه خلال زيارتكم الأخيرة للملكة المغربية قضية الصحراء الغربية ؟
ـ الشيخ أبو جرة : علاقتنا بكل الأحزاب العربية و المغاربية جيدة، ولنا مع بعضها بروتوكولات تعاون، وقد قمنا فعلا بزيارة مغاربية شملت الأقطار الخمسة كما ذكرت، وخلال زيارتنا للمغرب الشقيق كانت لنا محادثات مع الأحزاب المغربية وكنا في ضيافة حزب العدالة و التنمية، ودار النقاش حول مسائل كثيرة منها موضوع الصحراء الغربية ولم نزد على أن أكدنا الموقف الرسمي للدولة الجزائرية و أشواق الشعوب إلى الوحدة، واحتفظ كل طرف بقناعاته التقليدية وافترقنا على هذا متمسكين بالقاعدة الذهبية القائلة ( نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ).

ـ الصحراء الحرة : لكن النظام المغربي حاول إستغلال توجهاتكم السياسية و الإسلامية لتشويه موقفكم من القضية الصحراوية، ما ردكم ؟
ـ الشيخ أبو جرة : لن يستطيع أحد فعل ذلك لسبب بسيط يعرفه القاصي و الداني وهو أن حركة مجتمع السلم ليس لها سياسة خارجية إلا السياسة الرسمية للدولة الجزائرية، و أنا كنت وزير دولة ومثلت بلادي في عدة محافل رسمية وتحدثت باسم الجزائر في مسألة الصحراء الغربية و فلسطين وسواهما، فكيف يأتي اليوم من يتحدث عن قناعات أو حتى آراء جديدة لحركة مجتمع السلم خارج المواقف الثابتة للدولة الجزائرية ؟
لقد كذبنا ما روجت له بعض وسائل الإعلام، وما زيارتنا اليوم لأشقائنا في المخيمات إلا تأكيدا على ثبات مواقفنا وتطابقها مع المواقف الرسمية لدولتنا و شعبنا و حكومتنا في كل القضايا الخارجية .

ـ أسئلة شخصية :
ـ الصحراء الحرة : من هو قدوتكم في الحياة ؟
ـ الشيخ أبو جرة : رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ـ الصحراء الحرة : إلى أي مدرسة فكرية تنتمون ؟
ـ الشيخ أبو جرة : مدرسة الوسطية و الإعتدال .
ـ الصحراء الحرة : لمن تقرأ أو من يعجبكم من الكتاب ؟
ـ الشيخ أبو جرة : كل من يحترم قراءه.
ـ الصحراء الحرة : كلمة تختمون بها هذا الحوار ؟
ـ الشيخ أبو جرة : خلال إقامتي لمدة يومين بالمخيمات لم أشعر إطلاقا بأي نوع من الغربة، فقد كنت بين أشقائي، ولم أسمع منهم شكوى ولا تبرما إلا شوقهم للحرية وتطلعهم إلى الكرامة الإنسانية و الحلم بأن لا يطول هذا الوضع فيدفع أبناؤهم فاتورة فرضها عليهم منطق اللا منطق، فألف شكر لسكان المخيمات على حسن الإستقبال وكرامة الضيافة .

ـ الصحراء الحرة : شكرا لكم على قبول الدعوة وعلى الصراحة و سعة الصدر .

...........
الشيخ أبو جرة سلطاني في سطور :
هو رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية المعروفة اختصارا بـ (حمس) و أحد الأحزاب المشكلة للتحالف الرئاسي في الجزائر، سبق له أن شغل وظائف عدة، بدءًا من عمله إمامًا وخطيبًا في الفترة من 1971م حتى 1976م، ثم مرشدًا وداعيةً بين سنوات 1977-1994م، ورئيس تحرير مجلة (التضامن) 1990-1994م، ثم أستاذًا جامعيًّا منذ1980إلى 1996م، ورئيسًا لمجلس الشورى الوطني لـ(حمس) بين 92-1993م.
كما شغل أبو جرة سلطاني رئاسة عدة وزارات، حيث عُيِّن كاتب دولة مكلفًا بالصيد البحري خلال الفترة من 1996 حتى 1998م، ثم نائبًا بالبرلمان عن ولاية تبسة، ثم وزيرًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 1998م حتى 2000م، ثم وزيرًا للعمل والحماية الاجتماعية 2000-2001م، ثم نائبًا بالبرلمان لعهدة ثانية في انتخابات مايو 2002م عن ولاية تبسة، كما كان وزيرا للدولة و هو الآن نائب بالبرلمان الجزائري.
صدر له حتى الآن ما يفوق 15 كتابا وديوان شعر، تعالج قضايا إسلامية و فكرية وتربوية و سياسية أشهرها كتاب بعنوان " بروتوكولات بن صهيون " و آخرها :
ـ جذور الصراع في الجزائر .
ـ قشور الصراع في الجزائر .
ـ الزحف نحو الديمقراطية .
ـ سيف الحجاج .
المصدر : جريدة الصحراء الحرة / العدد 619

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تفاعل معنا

الاكثر تصفح خلال الاسبوع